Search
Close this search box.

تعريف الأناقة الداخلية والخارجية

دليل المبتدئين لاكتشاف أسلوبك إلى العربية

تعيش سحر مدربة الأناقة المصرية الباريسية بين مدينتين ملهمتين للغاية؛ أثينا والقاهرة. ولدت سحر وترعرعت في القاهرة ثم انتقلت وهي في العشرينات من عمرها إلى باريس لدراسة تجارة وتسويق الأزياء في Esmod والتصوير في Parsons. وقد عملت في مجال الأزياء لأكثر من 25 عاما كعارضة ومشترية ومستشارة لكبرى العلامات التجارية الفاخرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر Dior و  Christian Lacroix و Chantal Thomas و Jean Louis Scherrerو Zadig و Voltaire. ومنذ 11 عاما قررت أن تدرس مجال تدريب الأناقة عندما أدركت العلاقة القوية بين الجسم والعقل وكان لديها اعتقاد راسخ بأن الأناقة الحقيقية تنبع من امتزاج الثقة الداخلية بالخارجية.

Salut Les Copains music magazine (France) (Johnny Halliday and Sylvie Vartan), February 1973

فلا شك أن ما نشعر به بداخلنا عند ارتداء ملابسنا هو بنفس أهمية ملابسنا نفسها. وقد كنت منذ صغري مهووسة بالأزياء والموضة، وكنت شغوفة بمجلات الموضة بالرغم من صعوبة وصولها إلى القاهرة. لحسن الحظ كانت لدينا مجلة الموسيقى الفرنسية Salut les Copains وهي المجلة التي أدت إلى انتشار موسيقى ال yé-yé الفرنسية. كنت أدخر كل مصروفي لأشتريها. كنت أتأمل صور فرانسواز هاردي وفرانس جال وميشيل بولناريف (بنظارته البيضاء الشهيرة) وجوني هاليداي وسيلفي فارتان وكلود فرانسوا وأحلم بالعيش في باريس. وبعد ذلك اكتشفت المطربين العرب والفرنسيين واليونانيين مثل أم كلثوم وداليدا وماريا كالاس وإيديث بياف. كنت أعشق هالتهم وكنت مبهورة بأسلوبهم في ارتداء ملابسهم. وكنت أنجذب كثيرا إلى ثقتهم بأنفسهم والطريقة التي يمارسون بها ما يحبونه وهو الغناء.

أعتقد أنني كنت في الثانية عشر من عمري عندما بدأت في القراءة لنوال السعداوي الكاتبة النسوية المصرية.  عندما رأيت صورتها لأول مرة انبهرت بشكلها، فشعرها الأبيض وصدقها وشجاعتها ألجمتني. كنت أريد أن أقلدها في الطريقة التي ترتدي بها ملابسها والأهم من ذلك كنت أريد ان أكون في مثل صدقها وشجاعتها.

وعندما انتقلت إلى باريس لمواصلة دراستي، شعرت أنني أحقق حلمي أخيرا بأن أعيش في مدينة الموضة والجمال. لكن حتى ذلك الحين، لا يمكنني القول بأنني كنت أفهم الأناقة كما ينبغي. عندما كنت أراقب النساء الباريسيات وهن يسرن في شوارع باريس، كنت أدرك أنهن لا يتبعن آخر خطوط الموضة، كان لكل منهن لمستها الخاصة. لم تكن هؤلاء النساء يتبعن الموضة، كن الموضة نفسها.

 

View this post on Instagram

 

A post shared by SJP (@sarahjessicaparker)

أعتقد أن اليوم الذي فهمت فيه سر الاناقة كان عندما رأيت سارة جيسيكا باركر في معرض Louis Vuitton حيث كانت تسير في ردهات المعرض بثقة وتوهج مبهران. لم تكن ترتدي شيء يعجبني على وجه التحديد، لكنني لم أستطع أن أمنع نفسي من النظر إليها (بالرغم من أنه النظر إلى المشاهير في باريس يعد أمرًا وقحًا). كانت هناك هالة من النور تتبعها في أي مكان تذهب إليه. استوقفتني ابتسامتها الدافئة. كانت فاتنة … وليست جميلة فحسب، فاتنة من الداخل والخارج. كانت تملأ كل أرجاء المكان بالمرح والدفء. كنت أتمنى أن أرافقها وأصبح صديقتها الصدوقة، أحتسي معها مشروبا ونحن نتحدث في شتى الموضوعات وبالطبع أذهب للتسوق معها. فيما بعد، بدأت أفكر في هذا الأمر، وأدركت انه بعيدًا عن قوامها الرائع (فمن الواضح أنها تواظب على التمارين الرياضية وتتبع نظاما غذائيا جيدا)، كان أكثر ما جذبني لها أنها إنسانة سعيدة ومفعمة بالتفاؤل والأمل ولطيفة وودودة للغاية. وهي في الغالب تحسن الظن وتتوقع الأفضل. هي تعرف أنها متميزة ولا تخشى أن تخبر العالم كله بذلك. تحب ارتداء الملابس الأنيقة من أجل نفسها وليس من أجل الآخرين، تحب نفسها وتحب الآخرين. إن جمال سارة جيسيكا باركر الغير عادي وسحرها الغامض جعلني أفكر في السؤال الذي طرحه سقراط منذ زمن طويل، (ما هو الجمال؟)

شغل هذا السؤال بال الكثير من الفلاسفة وعلماء الرياضيات والشعراء والفنانين منذ القدم. استمرت رحلة البحث عن إجابة لهذا السؤال ، لكن لم تكن هناك إجابة واضحة. عندما ننظر إلى تطور الفن المصري واليوناني، نرى أن رحلة البحث عن الجمال، حتى وإن لم تنته بالحقيقة المطلقة، تؤدي إلى معرفة ذاتنا الداخلية.

والأناقة نفس الشيء، لا توجد إجابة قاطعة عن مفهوم الأناقة. وكلما سألنا أنفسنا عن مفهوم الأناقة، يقودنا هذا إلى النظر داخل أنفسنا. يتبادر إلى ذهني ما أطلق عليه المصريون القدماء “كا” و”با”. حسب الأسطورة، خلق الإله أتوم العالم من قلب الفوضى باستخدام سحره الخاص، ولأن الأرض خُلقت بالسحر، يعتقد المصريون أن العالم مشبع بالسحر وكذلك كل ما يعيش فيه. وعندما خلق الإنسان اتخذ هذا السحر شكل الروح، قوة خالدة تسكن داخل ومع كل إنسان. فالـ”كا” هي الجوهر الأساسي والـ”با” هي الشخصية.

لكن فلنعد مرة أخرى إلى حبي الأول “الموضة”. كيف يمكنني أن أغفلها! إذن ما علاقة الموضة بكل ذلك؟ إنها الأداة التي تستخرج السحر الكامن بداخلنا؟

عندما نذهب إلى أحد عروض الأزياء، نشعر بالسحر (الموضة). والمصممون (الآلهة) يجلبون لنا (المخلوقات الفانية) جوهر الموضة وسحرها. إنهم يروون لنا قصة؛ قصة المرأة التي تخيلونها وهم يبدعون.

أتذكر أنني قرأت ذات مرة حوار مع أحد المصممين ( صراحةً لا أذكر من هو، لكنني أعتقد أنه كان عز الدين علية). سُئِل عن كيفية إبداعه لتصميماته ومن أين يأتي بالإلهام؟ رد قائلا: (في بداية الأمر، أتخيل المرأة التي أصمم الثوب من أجلها؛ أتخيل ما تحب، أتخيل حياتها، ما تقرأه، ما تفكر فيه، ما تأكل وما تشرب، الأماكن التي تسافر إليها، ثم أبدأ في تخيلها عندما تخرج وتذهب إلى الأوبرا والمسارح والمعارض أو أي مكان تريد، وهنا يبدأ الإلهام0.)

نحن نبث الحياة في الطريقة التي نرتدي بها ملابسنا من خلال أفكارنا ومشاعرنا وتصرفاتنا، فأسلوب حياتنا هو نتاج طاقتنا الإبداعية الفردية. وليست الملابس هي ما تحدد هويتنا. إن الأمر يتعلق بحقيقة ما نحن عليه، ما نحب أن نفعله، الكتب التي نحب قراءتها، الأفلام التي نحب مشاهدتها، أسلوب حياتنا، وكيف نتعامل مع الآخرين وتجعلهم يشعرون تجاه أنفسهم.

تقول العظيمة ديانا فريلاند: (الأمر ليس الثوب الذي ترتدينه لكن ما يهم هو الحياة التي نعيشها ونحن نرتديه.)

أعتقد أن الفرنسيين يلخصون هذا الأمر بقولهم: (إنها باريسية حقيقية، إنها ترتدي أزياء Chanel وكأنها ترتدي Monoprix، وترتدي Monoprix وكأنها ترتدي Chanel.)

وأود أن أختم موضوعي هذا بكلمات هربرت دي جيفنشي عن الأناقة التي يتم تعريفها عادة بأنها خليط من الموضة والجمال: (سر الأناقة هو أن تكوني نفسك.)

سيدتي، فقط كوني على طبيعتك، وستبهرين الجميع.

مشاركة المقالة

مقالات ذات صلة

اشترك في النشرة الإخبارية المجانية للحصول على دليلك لاتجاهات الموضة ونقاط الحوار الثقافية وأخبار المشاهير والنصائح الحصرية.