Search
Close this search box.

المواعدة بعد الطلاق

ما قبل الطلاق مشكلة، وما بعده مشكلة أخرى

dating after divorce

مع ارتفاع معدل الطلاق في مصر ولا سيّما بين حديثي الزواج، بدأ العديد من المطلقين والمطلقات البحث عن فرص للمواعدة مرة أخرى، لكن هل لحالتهم الاجتماعية الجديدة (مُطلق/ة) تأثير على قواعد اللعبة؟

بداية جديدة

تقول لبنى 51 سنة لمجلة ELLE عن أول أيامها بعد الانفصال: كنت سعيدة ومتحمسة لأنني عزباء مرة أخرى.”

كانت مهندسة الديكور قد أنهت زواجًا غير ناجح من ابن أحد أصدقاء عائلتها مليئا بالعديد من الصعوبات. تقول وهي تستعيد ذكرياتها: تزوجنا لأن هذا ما كان متوقعًا منا. لكن لم تكن هناك أية رابطة حقيقية بيننا ولا عَلاقة عاطفية قوية. تركت نفسي فريسة لليأس والإحباط لمدة طويلة، ولكن عندما اتخذنا قرار إنهاء الزواج، بدأت أشعر بالسعادة مرة أخرى.” السعادة التي تصفها لبنى، عادة ما يشعر بها من يكون محبوسًا في عِلاقة تعيسة استمرت لسنوات طويلة.

تمتلئ ثقافتنا الشعبية بقصص البحث عن الذات ورحلة إيجاد الحب الجديد لدى العديد من المطلقين والمطلقات حديثًا. فعلى سبيل المثال شاهدنا جوليا روبرتس وهي تجوب العالم وحدها تأكل الآيس كريم وتقع في الحب في بالي. وشاهدنا شخصية ديان لين في فيلم تحت شمس توسكانا” وقد اشترت فيلا في ريف إيطاليا وتستمتع بعلاقة رومانسية عابرة برجل رائع جذاب يدعى مارسيلو. كما فعلت ستيلا التي استعادت حيويتها وثقتها بنفسها في فيلم “كيف استعادت ستيلا حيويتها”عندما أحبت شاب يصغرها بعشرين عامًا، وقد كان أحد سكان إحدى جزر جامايكا حيث تقضي إجازتها.

لكن لسوء الحظ؛ عند حدوث الطلاق ليس بالضرورة أن يعني دائمًا علاقات رومانسية ورجال جذابين في بلاد استوائية. بذلك تقول يارا 39 سنة، مستشارة في وسائل التواصل الاجتماعي أنشأت وكالتها الإعلامية الرقمية بعد طلاقها: “كانت فترة غريبة، فبالرغم من شعوري بالحرية كنت أيضًا أشعر بالخوف والضعف. حاولت أن أكون متفائلة ومبتهجة وأن أُركز على مهامي اليومية، إلّا أنني شعرت

بكآبة تمنعني من مواصلة حياتي بشكل طبيعي.” حاول بعض أصدقائها ترتيب جلسات تعارف بينها وبين بعض معارفهم العزّاب، لكنها كانت تجد فكرة التعرض لمثل هذه التجربة شيئًا مخيفًا للغاية. 

“وجدت نفسي أنظر إلى المرآة طيلة الوقت، وأنا أتفحص وجهي وجسدي لأرى علامات التقدم في العمر. لم أكن أستطيع أن أتخيل أن يجدني شخص ما جذابة مرة أخرى.”

تقول نوران ناظر مدربة المهارات الحياتية ومؤسسة منصة التعافي “معيشة”: “إن انهيار الزواج يمكن أن يجلب معه كل أنواع المشاعر الصعبة، ويمكن أن يكون له تأثيرًا قويًا على مشاعر الإنسان تجاه نفسه. فَيتساءل: هل أنا إنسان جيد بما فيه الكفاية؟ هل ارتكبت خطأ ما؟ هل استحق شخصًا جيدًا؟” لذلك تقوم بنصح زبوناتها بالتركيز على أَنفُسهن خلال هذه المرحلة الصعبة، احزني على خسارتك، خذي وقتك للتعافي، لأن المواعدة عندما تشعرين بالألم وكافة المشاعر السلبية ليست فكرة جيدة على الإطلاق. 

وصمة عار

تقول ليلى 37 سنة، موظفة علاقات عامة، والتي انفصلت عن زوجها في سن صغير بعد زواج قصير انتهى بسبب الخيانة: “المرأة في مجتمعنا إما أن تكون عذراء أو أم أو عاهرة. تقرَّب لي العديد من الرجال بعد طلاقي، لكن لم يكن أيًا منهم مهتمًا بإقامة علاقة جدية.” فالرجال الذين واعدتهم أعلنوا لها صراحة أنهم لا يفكرون في مسألة الزواج وأن ذويهم سَيعارضون هذا الزواج. 

أما نهى 44 سنة، معلمة لذوي الاحتياجات الخاصة، وتملك تجربة مشابهة لما عانت منه ليلى. قابلت نهى رجلًا في أثناء عملهما معًا في أحد المشروعات القصيرة وبدأت في مواعدته، وقد كانت الأمور تسير على خير ما يرام و خططا للسفر في رحلة إلى فرنسا، ثم اكتشفت أنه له خطيبة يخطط للزواج منها. “كانت خطته أن يجعلني زوجة ثانية له، وكان يأمل أن أتقبل الفكرة بمرور الوقت، كانت خطيبته هي المرأة التي توافق عليها أسرته، وهي من تظهر معه في صور الفيسبوك، أما أنا فسأكون زوجته السرية الأخرى.”

بعد ازدياد حالات الطلاق وتراجع الأفكار الذكورية التقليدية؛ لم يعد الطلاق وصمة عار كما كان من قبل. فبدأت المسلسلات التلفزيونية الشهيرة –مثل مسلسل البحث عن علا ومسلسل فاتن أمل حربي-  تُصوِّر السيدة المطلقة بشكل إيجابي أكثر من قبل وأصبحت هذه الفئة من المجتمع تحظى بالمزيد من القبول الاجتماعي. فعندما سُئِلَت مطلقة شابة في العشرينيات من عمرها عن ردود الأفعال السلبية التي واجهتها بسبب حالتها الاجتماعية الجديدة قالت: “لا أحد يهتم”.

مشكلات التعارف على الإنترنت

دائمًا ما تظهر مصطلحات جديدة على وسائل التواصل الاجتماعي لوصف سلوك غريب وغير مقبول في مجال المواعدة الإلكترونية مثل: الاختفاء المفاجئ والمبالغة في الاهتمام، وتجاهل الشريك، وإدمان استخدام الهاتف المحمول.

فبعد أن حققت تطبيقات المواعدة الإلكترونية مثل Tinder و Bumble نجاحًا كبيرًا في المجتمع المصري، أصبحت وسيلة عَمليّة للعُزّاب -بغض النظر عن تاريخهم العاطفي- ليجدوا شريكًا مناسبًا. فببضعة لمسات لشاشة الهاتف يمكن أن تجد شخصًا يصلح للمواعدة، لكن ليس الأمر بهذه البساطة … 

تقول سلمى – 37 عامًا، موظفة بنك مطلقة-، أنها تواصلت مع أحد الأشخاص عن طريق تطبيق Bumble واتفقا على أن يتقابلا في أحد المطاعم الصغيرة لتناول الغداء يوم السبت، وتقول: “كان يبدو وسيمًا ومثقفًا ومهذبًا، انسجمنا سريعًا، وتحدثنا عن كل شيء؛ أُسرَتينا والعمل والسفر، وكنت أشعر أن الحديث بيننا يمكن أن يستمر لساعات وساعات.” وفجأة؛ في أثناء الغداء أشار بشكلٍ عابر إلى زوجته. شعرت سلمى بالحيرة والارتباك وطلبت منه توضيحًا، فأخبرها بمنتهى اللامبالاة بأن لا بد وأنها لم تلاحظ الكود ENM في ملفه الشخصي على التطبيق (ويعني غير مخلص لشريك واحد بالاتفاق). فهو وزوجته اتفقا على انفتاح العلاقات لكليهما؛ أي أنهما اتفقا بعد إنجاب طفلهما الثاني على أن كل منهما له الحق في أن يكون متعدد العلاقات الجنسية بآخرين. ثم تقول ضاحكة: “كنت أعلم أن هناك خطب ما؛ فقد كان مثاليًا لدرجة يصعب تصديقها.”

هناك قصص عدة لرجال متزوجون يستخدمون هذه التطبيقات لممارسة الجنس خارج إطار الزواج دون علم زوجاتهم، وآخرون مستهترين يتلاعبون بالنساء ويصادقون أكثرمن امرأة في نفس الوقت، ورجال يضعون صورًا قديمة لهم على التطبيق قد يرجع تاريخها إلى عشرة أو عشرين عامًا مضت. كل هذه القصص تجعل النساء يخشين المواعدة الإلكترونية ويَنفُرن منها، ويُفضلن أن يكون التعارف عن طريق أصدقاء مشتركين أو في محيط اجتماعي أكثر خصوصية. تقول نهى لـ ELLE: “عندما يكون التعارف عن طريق صديق مشترك، من الصعب أن يسلك الرجل سلوكًا مشينًا، فيجب أن يكون هناك صديقان مشتركان بيننا على الأقل على فيسبوك لكي أفكر في مواعدته.”

ويبدو أن هذا الاتجاه قد امتد للرجال أيضًا؛ فقد قضى عزيز، وكيل عقارات مطلق، ثلاثة سنوات كاملة في الدردشة مع سيدات والبحث عن شريكة على تطبيقيّ Tinder و Bumble، والتقى مرتين فقط  وجهًا لوجه بعروستين محتملتين، لكن لم يسفر أي من اللقاءين عن أي شيء بعد الموعد الأول. وبعد أن أتم عامه الـ 41 شعر بالتعب والفشل وقرر عزيز أن يتوقف عن بحثه عن شريكة على شبكة الإنترنت.

يقول: ” بدأت في مواعدة نساء من خلفية متشابهة وكنت أحرص على وجود أشياء مشتركة بيننا، فعندما تلتقي بشخص عرفته من خلال دائرتك الاجتماعية، يكون لديك مرجعية، ويتحمل كل طرف المسؤولية. وهذا يمهد الطريق لعلاقات أكثر جدية.”

نصائح للوالدين

إن بَدت المواعدة بعد الطلاق صعبة وتشبه تسلق تل شديد الانحدار، فلك أن تتخيل المواعدة في ظل وجود أطفال. فالأم العزباء أو الأب الأعزب -ولا سيَما الأم- كثيرًا ما يحملان حِملًا مضاعفًا؛ حِمل العمل ورعاية الأطفال ومحاولة إيجاد الوقت والطاقة للخروج، ناهيك عن المواعدة. تقول كاملة 37 عام، أم عزباء، أن يومها طويل ومزدحم للغاية برسائل البريد الإلكتروني والاجتماعات والأعمال المنزلية ونوبات الغضب ووقت سرد القصص، وفي ظل كل هذا تصبح المواعدة آخر ما تفكر فيه.

“بالطبع سيكون من اللطيف أن ألتقي بأحدهم، لكنني لا أدري كيف يمكنني أن أتعامل مع هذا الأمر من الناحية العملية”، وتقول موظفة البنك أن لديها مخاوف من تقديم شخص غريب ويمثل أهمية كبيرة إلى أطفالها وإدخاله إلى حياتهم، “عندما يأتي الأمر إلى هذه النقطة، لا أحرص على اختيار شريك مناسب فحسب، بل أحرص بشكل أكبر على اختيار زوج أم مناسب لأطفالي.”

تخشى العديد من النساء أن يسيء الأزواج السابقون استخدام السلطة التي يمنحها لهم القانون المنحاز إليهم لمنعهن من مواصلة حياتهن العاطفية؛ ففكرة أن أمهات أطفالهم يتزوجن مرة أخرى ويأتين برجل غريب يلعب دور الأب في حياة أطفالهم بدلًا منهم غير مستساغة بالنسبة إليهم. 

تتذكر ثريا 39 سنة، أم عزباء، شعورها بالتوتر عندما بدأت في المواعدة، كانت تخشى أن يراها أحد مع الرجال الذين تواعدهم في الأماكن العامة. وازداد هذا الخوف عندما حدث تقارب بينها وبين عريس محتمل بعينه. “عندما قابلته بناتي -وكن صغيرات في ذلك الوقت- كنت أشعر بالقلق من أن يخبرن والدهن الذي يستطيع أن يضايقني بالفعل.” وتحولت مخاوفها إلى حقيقة عندما رفض زوجها السابق أن يأذن لبناتها بالسفر ولم تستطع اصطحابهن معها خارج البلاد حتى ولو لرحلة قصيرة لزيارة والدتها المسنة التي تعيش بالخارج. “هددني بأخذ بناتي، لكنني أعرف أنه لن ينفذ تهديده. وضعي كأم عزباء وضع صعب دون شك.”

أما الرجال العُزّاب، فبالرغم من أن حِملهم أخف، فإن الأمور لا تسير بسلاسة طيلة الوقت. يوسف -أب أعزب 42 سنة- بدأ يتواصل بعد طلاقه مع زميلة دراسة قديمة عبر الفيسبوك وبدءا بالمواعدة، لكن سرعان ما اقتحمت زوجته السابقة المشهد لتفسد علاقتهما. يقول: “عندما بدأت زوجتي السابقة ترى أن العلاقة تسير في اتجاه جَدّي، بدأت المكالمات والرسائل المستمرة طوال الوقت، مختلقة حالات طوارىء زائفة خاصة بابننا”، وبالرغم من أن الطلاق جاء بناءً على طلب زوجته السابقة، لم تستطع تقبل فكرة دخوله في علاقة جديدة واستغلت ابنهما لتتلاعب به وتسبب له المضايقات. “أنا أب مسئول وحنون، وحريص على وجودي في حياة ابني باستمرار، لكنها بالتأكيد تنغص علي علاقتي الجديدة.”

مستقبل أكثر إشراقًا

تقول ليلى: “إن أكبر خرافة حول النساء المطلقات هي أنهن يَتُقْن لمقابلة أي رجل”؛ لكنهن في واقع الأمر يقمن باستغلال وقتهن وطاقتهن في بناء وتطوير أنفسهن وليس في مطاردة الرجال. فيسافرن ويبدأن مشروعات خاصة بهن ويترقين ويُقِمْن حفلات عشاء، أي أنهن يسعين وراء تحقيق أحلام أكبر وأفضل. وعلاوة على ذلك فإن المنفصلين -من الرجال أو النساء- قد تعلموا دروسًا قيمة؛ فاكتسبوا مزيدًا من الوعي الذاتي  وفهمًا أعمق لاحتياجاتهم وحدودهم، وأصبحوا أكثر قدرة على وضع الحدود بشكل مناسب والتواصل بشكل فَعّال للوصول إلى حلول مناسبة لجميع الأطراف. 

يقول عزيز: “تأملت فترة زواجي التي امتدت لستة سنوات واكتشفت أن نجاح الزواج مسؤولية مشتركة. فقد ارتكبت أخطاءً أنا أيضًا، لكنني بِدتُ أفهم نفسي بشكل أفضل الآن، وتكونت لدي صورة أوضح عن طبيعة التوافق وأسبابه وأعرف ما أريده في المرأة.” 

وعندما سألنا شابتنا العشرينية إن كانت تود أن تتزوج مرة أخرى، ردت بكل ثقة: “ما لم تضف لي هذه العلاقة، أُفضّل أن أظل عزباء وأحب نفسي.”

*تم تغيير الأسماء حرصًا على الخصوصية.

مشاركة المقالة

مقالات ذات صلة

اشترك في النشرة الإخبارية المجانية للحصول على دليلك لاتجاهات الموضة ونقاط الحوار الثقافية وأخبار المشاهير والنصائح الحصرية.